الخميس، أكتوبر ١٩، ٢٠٠٦

عبد الرحمن الغافقي


تسمع عن القائد العربي العظيم عبد الرحمن الغافقي ؟
مش عارف ليه الراجل ده مش مشهور رغم انه من الناس اللي انا من اشد المعجبين بجهادهم في سبيل الله و خدمتهم العظيمة للاسلام
فعلا الواحد كل ما يقرا كل ما يلاقي ان فيه قواد كتير عظماء مخدوش حقهم في الشهره
و عمرهم ما فكرو في كده
اينعم عبد الرحمن الغافقي خسر معركته الاخيره و استشهد في ارض فرنسا
لكن ده وصل بجيوش المسلمين العظيمه لحد شوارع باريس
فعلا الناس دي مكانش فيه حدود لايمانها بالله و نشر رسالة الاسلام ان شالله حتي في المريخ
عبد الرحمن الغافقي خاض اخر معاركه و هي المعركه الشهيره بلاط الشهداء و اسمها ده بسبب كثرة عدد الشهداء من جيش المسلمين اللي خسرو المعركه دي لأنهم نسو الهدف من المعركه و فضلو يفكرو ازاي يحمو الغنائم
اسيبكو مع التفاصيل اللي هتركز بنسبه كبيره علي معركة بلاط الشهداء نفسها
فتح المسلمون الأندلس سنة (92 هـ = 711م) في عهد الخليفة الأموي "الوليد بن عبد الملك"، وغنموا ملك القوط على يد الفاتحين العظيمين طارق بن زياد وموسى بن نصير، وأصبحت الأندلس منذ ذلك الوقت ولاية إسلامية تابعة لدولة الخلافة الأموية، وتعاقب عليها الولاة والحكام ينظمون شئونها ويدبرون أحوالها، ويواصلون الفتح الإسلامي إلى ما وراء جبال ألبرت في فرنسا
مواصلة الفتح
وعلى إثر استشهاد السمح بن مالك تولّى عبد الرحمن الغافقي القيادة العامة للجيش وولاية الأندلس، حتى تنظر الخلافة الأموية وترى رأيها، فقضى الغافقي بضعة أشهر في تنظيم أحوال البلاد وإصلاح الأمور حتى تولّى "عنبسة بن سحيم الكلبي" ولاية الأندلس في (صفر سنة 103 هـ = أغسطس من 721م)، فاستكمل ما بدأه الغافقي من خطط الإصلاح وتنظيم شئون ولايته والاستعداد لمواصلة الفتح، حتى إذا تهيأ له ذلك سار بجيشه في أواخر سنة (105 هـ = 724م) فأتم فتح إقليم سبتمانيا، وواصل سيره حتى بلغ مدينة "أوتون" في أعالي نهر الرون، وبسط سلطانه في شرق جنوبي فرنسا، وفي أثناء عودته إلى الجنوب داهمته جموع كبيرة من الفرنج، وكان في جمع من جيشه؛ فأصيب في هذه المعركة قبل أن ينجده باقي جيشه، ثم لم يلبث أن تُوفِّي على إثرها في (شعبان 107 هـ = ديسمبر 725م).
وبعد وفاته توقف الفتح وانشغلت الأندلس بالفتن والثورات، ولم ينجح الولاة الستة الذين تعاقبوا على الأندلس في إعادة الهدوء والنظام إليها والسيطرة على مقاليد الأمور، حتى تولى عبد الرحمن الغافقي أمور الأندلس في سنة (112 هـ = 730م).
عبد الرحمن الغافقي
لم تكن أحوال البلاد جديدة عليه فقد سبق أن تولى أمورها عقب استشهاد السمح بن مالك، وعرف أحوالها وخبر شئونها، ولا تمدنا المصادر التاريخية بشيء كثير عن سيرته الأولى، وجل ما يعرف عنه أنه من التابعين الذين دخلوا الأندلس ومكنته شجاعته وقدراته العسكرية من أن يكون من كبار قادة الأندلس، وجمع إلى قيادته حسن السياسة وتصريف الأمور؛ ولذا اختاره المسلمون لقيادة الجيش وإمارة الأندلس عقب موقعه "تولوشة".
كان الغافقي حاكما عادلا قديرا على إدارة شئون دولته، وتجمع الروايات التاريخية على كريم صفاته، وتشيد بعدله، فرحبت الأندلس بتعيينه لسابق معرفتها به وبسياسته، ولم يكن غريبا أن يحبه الجند لرفقه ولينه، وتتراضى القبائل العربية فتكف عن ثوراتها، ويسود الوئام إدارة الدولة والجيش.
غير أن هذا الاستقرار والنظام الذي حل بالأندلس نغصه تحركات من الفرنج والقوط واستعداد لمهاجمة المواقع الإسلامية في الشمال، ولم يكن لمثل الغافقي أن يسكت وهو رجل مجاهد عظيم الإيمان، لا تزال ذكريات هزيمة تولوشة تؤرق نفسه، وينتظر الفرصة السانحة لمحو آثارها، أما وقد جاءت فلا بد أن ينتهزها ويستعد لها أحسن استعداد، فأعلن عزمه على الفتح، وتدفق إليه المجاهدون من كل جهة حتى بلغوا ما بين سبعين ومائة ألف رجل.
خط سير الحملة
جمع عبد الرحمن جنده في "بنبلونة" شمال الأندلس، وعبر بهم في أوائل سنة (114 هـ = 732م) جبال ألبرت ودخل فرنسا (بلاد الغال)، واتجه إلى الجنوب إلى مدينة "آرال" الواقعة على نهر الرون؛ لامتناعها عن دفع الجزية وخروجها عن طاعته، ففتحها بعد معركة هائلة، ثم توجه غربا إلى دوقية أقطاينا "أكويتين"، وحقق عليها نصرا حاسما على ضفاف نمهر الدوردوني ومزّق جيشها شر ممزق، واضطر الدوق "أودو" أن يتقهقر بقواته نحو الشمال تاركا عاصمته "بردال" (بوردو) ليدخلها المسلمون فاتحين، وأصبحت ولاية أكويتين في قبضة المسلمين تماما، ومضى الغافقي نحو نهر اللوار وتوجه إلى مدينة "تور" ثانية مدائن الدوقية، وفيها كنيسة "سان مارتان"، وكانت ذات شهرة فائقة آنذاك؛ فاقتحم المسلمون المدينة واستولوا عليها.
ولم يجد الدوق "أودو" بدا من الاستنجاد بالدولة الميروفنجية، وكانت أمورها في يد شارتل مارتل، فلبى النداء وأسرع بنجدته، وكان من قبل لا يُعنى بتحركات المسلمين في جنوب فرنسا؛ نظرا للخلاف الذي كان بينه وبين أودو دوق أقطانيا
استعداد الفرنجة
وجد شارل مارتل في طلب نجدته فرصة لبسط نفوذه على أقطانيا التي كانت بيد غريمه، ووقف الفتح الإسلامي بعد أن بات يهدده، فتحرك على الفور ولم يدخر جهدا في الاستعداد، فبعث يستقدم الجند من كل مكان فوافته جنود أجلاف أقوياء يحاربون شبه عراة، بالإضافة إلى جنده وكانوا أقوياء لهم خبرة بالحروب والنوازل، وبعد أن أتم شارل مارتل استعداده تحرك بجيشه الجرار الذي يزيد في عدده على جيش المسلمين يهز الأرض هزا، وتردد سهول فرنسا صدى أصوات الجنود وجلباتهم حتى وصل إلى مروج نهر اللوار الجنوبية.
اللقاء المرتقب
كان الجيش الإسلامي قد انتهى بعد زحفه إلى السهل الممتد بين مدينتي بواتييه وتور بعد أن استولى على المدينتين، وفي ذلك الوقت كان جيش شارل مارتل قد انتهى إلى اللوار دون أن ينتبه المسلمون بقدوم طلائعه، وحين أراد الغافقي أن يقتحم نهر اللوار لملاقاة خصمه على ضفته اليمنى قبل أن يكمل استعداده فاجأه مارتل بقواته الجرارة التي تفوق جيش المسلمين في الكثرة، فاضطر عبد الرحمن إلى الرجوع والارتداد إلى السهل الواقع بين بواتييه وتور، وعبر شارل بقواته نهر اللوار وعسكر بجيشه على أميال قليلة من جيش الغافقي.
وفي ذلك السهل دارت المعركة بين الفريقين، ولا يُعرف على وجه الدقة موقع الميدان الذي دارت فيه أحداث المعركة، وإن رجحت بعض الروايات أنها وقعت على مقربة من طريق روماني يصل بين بواتييه وشاتلرو في مكان يبعد نحو عشرين كيلومترا من شمالي شرق بواتييه يسمّى بالبلاط، وهي كلمة تعني في الأندلس القصر أو الحصن الذي حوله حدائق؛ ولذا سميت المعركة في المصادر العربية ببلاط الشهداء لكثرة ما استشهد فيها من المسلمين، وتسمّى في المصادر الأوربية معركة "تور- بواتييه".
ونشب القتال بين الفريقين في (أواخر شعبان 114 هـ = أكتوبر 732م)، واستمر تسعة أيام حتى أوائل شهر رمضان، دون أن يحقق أحدهما نصرا حاسما لصالحه.
وفي اليوم العاشر نشبت معركة هائلة، وأبدى كلا الفريقين منتهى الشجاعة والجلد والثبات، حتى بدأ الإعياء على الفرنجة ولاحت تباشير النصر للمسلمين، ولكن حدث أن اخترقت فرقة من فرسان العدو إلى خلف صفوف المسلمين، حيث معسكر الغنائم، فارتدت فرقة كبيرة من الفرسان من قلب المعركة لرد الهجوم المباغت وحماية الغنائم، غير أن هذا أدى إلى خلل في النظام، واضطراب صفوف المسلمين، واتساع في الثغرة التي نفذ منها الفرنجة.
وحاول الغافقي أن يعيد النظام ويمسك بزمام الأمور ويرد الحماس إلى نفوس جنده، لكن الموت لم يسعفه بعد أن أصابه سهم غادر أودى بحياته فسقط شهيدا في الميدان، فازدادت صفوف المسلمين اضطرابا وعم الذعر في الجيش، ولولا بقية من ثبات راسخ وإيمان جياش، ورغبة في النصر لحدثت كارثة كبرى للمسلمين أمام جيش يفوقهم عددا. وصبر المسلمون حتى أقبل الليل فانتهزوا فرصة ظلام الليل وانسحبوا إلى سبتمانيا، تاركين أثقالهم ومعظم أسلابهم غنيمة للعدو.
ولما لاح الصباح نهض الفرنجة لمواصلة القتال فلم يجدوا أحدا من المسلمين، ولم يجدوا سوى السكون الذي يطبق على المكان، فتقدموا على حذر نحو الخيام لعل في الأمر خديعة فوجدوها خاوية إلا من الجرحى العاجزين عن الحركة؛ فذبحوهم على الفور، واكتفى شارل مارتل بانسحاب المسلمين، ولم يجرؤ على مطاردتهم، وعاد بجيشه إلى الشمال من حيث أتى.
تحليل المعركة
تضافرت عوامل كثيرة في هذه النتيجة المخزية، منها أن المسلمين قطعوا آلاف الأميال منذ خروجهم من الأندلس، وأنهكتهم الحروب المتصلة في فرنسا، وأرهقهم السير والحركة، وطوال هذا المسير لم يصلهم مدد يجدد حيوية الجيش ويعينه على مهمته، فالشقة بعيدة بينهم وبين مركز الخلافة في دمشق، فكانوا في سيرهم في نواحي فرنسا أقرب إلى قصص الأساطير منها إلى حوادث التاريخ، ولم تكن قرطبة عاصمة الأندلس يمكنها معاونة الجيش؛ لأن كثيرًا من العرب الفاتحين تفرقوا في نواحيها.
وتبالغ الروايات في قصة الغنائم وحرص المسلمين على حمايتها، فلم تكن الغنائم تشغلهم وهم الذين قطعوا هذه الفيافي لنشر الإسلام وإعلاء كلمته، ولم نألف في حروب المسلمين الحرص عليها وحملها معهم أينما ذهبوا، ولو كانوا حريصين عليها لحملوها معهم في أثناء انسحابهم في ظلمة الليل، في الوقت التي تذكر فيه الروايات أن الجيش الإسلامي ترك خيامه منصوبة والغنائم مطروحة في أماكنها.
نتائج المعركة
كثر الكلام حول هذه المعركة، وأحاطها المؤرخون الأوربيون باهتمام مبالغ، وجعلوها معركة فاصلة، ولا يخفى سر اهتمامهم بها؛ فمعظمهم يعدها إنقاذًا لأوروبا، فيقول "إدوارد جيبون" في كتاب "اضمحلال الإمبراطورية الرومانية" عن هذه المعركة: "إنها أنقذت آباءنا البريطانيين وجيراننا الفرنسيين من نير القرآن المدني والديني، وحفظت جلال روما، وشدت بأزر النصرانية".
ويقول السير "إدوارد كريزي": "إن النصر العظيم الذي ناله شارل مارتل على العرب سنة 732م وضع حدا حاسما لفتوح العرب في غرب أوروبا، وأنقذ النصرانية من الإسلام".
ويرى فريق آخر من المؤرخين المعتدلين في هذا الانتصار نكبة كبيرة حلت بأوروبا، وحرمتها من المدنية والحضارة، فيقول "جوستاف لوبون" في كتابه المعروف "حضارة العرب"، الذي ترجمه "عادل زعيتر" إلى العربية في دقة وبلاغة:
"لو أن العرب استولوا على فرنسا، إذن لصارت باريس مثل قرطبة في إسبانيا، مركزا للحضارة والعلم؛ حيث كان رجل الشارع فيها يكتب ويقرأ بل ويقرض الشعر أحيانا، في الوقت الذي كان فيه ملوك أوروبا لا يعرفون كتابة أسمائهم".
وبعد معركة بلاط الشهداء لم تسنح للمسلمين فرصة أخرى لينفذوا إلى قلب أوربا، فقد أصيبوا بتفرقة الكلمة، واشتعال المنازعات، في الوقت الذي توحدت قوة النصارى، وبدأت ما يُسمّى بحركة الاسترداد والاستيلاء على ما في يد المسلمين في الأندلس من مدن وقواعد
دي لمحه بس عن واحد من عظماء الاسلام و معركه من اهم المعارك اللي اثرت في التاريخ الاسلامي ككل و انا قريت عنها بالتفصيل في كتاب بعنوان مواقف في تاريخ الاسلام للكاتب محمد عبد الله عنان و فعلا المعركه دي ليها نقطة ارتكاز علي انتشار الاسلام في اوروب و لو كنا كسبناها كان زمان شكان اوروبا دلوقت قمحيين و شعور سوده و الادات بيدن في القنوات الاوروبيه دلوقت
بص الشاعر الانجليزي بيقول ايه علي جيوش الاسلام
قال الشاعر الإنكليزي " سوذي " يصف جيوش المسلمين التي غزت أوروبا بعد فتح الأندلس
جُمُوعٌ لا تُحْصَى ...
من عرب ، وبربر ، وروم خوارج ....
وفُرْس ، وقبط ، وتتر ، قد انضووا جميعاً تحت لواء واحد ...
يجمعهم إيمان ثائر ، راسخ الفُتُوُّة ....
وحَمِيِّةٌ مُتَلَظِّيَةٌ كالشَّرَر ، وأخوةٌ مذهلة لا تفرق بين البشر ...
* * *
ولم يكن قادتهم أقل ثقة منهم بالنصر بعد أن ثَمِلُوا بحُمَيَّا الظَّفر ...
واختالوا بتلك القوة القوية التي لا يقف أمامها شيء ....
وأيقنوا أن جيوشهم لا يُمكن أن يُــلِــم بها الكَلال ...
فهي دائماً فتــيَّــةٌ مَشبوبةٌ كما انطلقت أول مرة ...
وآمنوا بأنها حيثما تحركت مشى في ركابها النصر والغلب ....
وأنها ستندفع دائماً إلى الأمام ....
حتى يُصبح الغرب المغلوب كالشرق ....
يُطَأْطىء الرَّأس إجلالاً لاسم مُحمد ...
وحتى ينهض الحاج من أقاصي المتجمد ...
إلى أن يطأ بأقدام الإيمان الرِّمال المُحْرقة ....
المنتثرة على صحراء العرب ....
ويقف فوق صخور مكة الصَّلْدة ....
* * *
لم تكن أيها الشاعر بعيداً عن الحقيقة .
أو هائماً في أودية الخيال في كثير مما قلت .
فقد كانت الجيوش التـي قادها المجاهدون لإخراج آبائِك من جاهليتهم الجهلاء كما وَصَفْتَ ...
ففيها عرب أقوياءُ بالله هَبُّوا إليكم .
من الشام ...
من الحجاز ...
من نجد ...
من اليمن ...
من كل مكان من جزيرة العرب ...
كما تَهُبُّ الريحُ المرسلة .
وفيها بربر أَعِزَةٌ بالإسلام تدفقوا عليكم من فوق جبال الأطلس كما يتدَّفق السيل العَرِم ..
وفيها فُرسٌ عافت عقولهم وثنية الأكاسرة ، وفاءت إلى دين التوحيد ...
وصراط العزيز الحميد .
وفيها رومٌ خوارج ، كما قلت ...
ولكنهم خرجوا على الظلم ، والظلمات ...
وانحازوا إلى نور السماوات والأرض ...
وهُدُوا إلى دين القيِّمة .
وفيها قِبْطٌ رَفَعوا عن رِقَابِهِمْ نِــيــرَ العُبُودِيَّــةِ لِلْقَــيَـــاصِـــرَة .
ليعيشوا كما ولدتهم أمهاتهم أحراراً في أكناف الإسلام ....
نعم ... لقد كان الجيش الذي قاده عبد الرحمن الغافقي وأسلافه لإنقاذ أجدادك من الجاهلية ... فيه الأبيض والأسود ، والعربي والأعجميُّ .
لكنهم انصهروا جميعاً في بوتقة الإسلام ...
فأصبحوا بنعمة الله إخواناً .
وقد كان هَمُّهُمْ - كما ذكرت - أن يُدْخِلُوا الغرب في دين الله كما أدخلوا الشرق من قبل ...
وأن يجعلوا البشرية كُلَّها تُطأطىء الرَّأس لإله الناس .
وأن يعُم نور الإسلام بِــطَـــاحكم وأوديتكم .
وأن تشرق شمسه في كل بيت من بيوتكم .
وأن يُسَـــوِّي عدْله بين مُلُوكم وسُوقَتِكُمْ .
وكانوا قد عزموا على أن يدفعوا أرواحهم ثمناً لهدايتكم إلى الله ...
وإنقاذكم من النار ....
* * *
وبعد .... فإليكم القصة الأخيرة لهذا الجيش .
وخبر بطله الفذِّ عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي .
تناهت إلى " دوق أُكتَانْية " الأخبار المفزعة عن مصرع صِهره عثمان بن أبي نُسعة .
وبلغته أنباء النهاية الحزينة التي صارت إليها ابنته الحسناء " مينين " ....
فأدرك أن طبول الحرب قد دَقَّتْ ...
وأيقن أن أسد الإسلام عبد الرحمن الغافقي مُمْسِ في دياره ، أو مُصْبِح ....
فتأهبَّ للدفاع عن كل شبر من أرضه دفاع المستميت .
واستعدَّ للنِّضال دون نفسه ومملكته ، استعداد المُسْتَبْسِل ...
فقد كان يخشى أن يُساق هو الآخر أسيراً إلى دار الخلافة في الشام كما سيقت ابنتُهُ .
أو أن يُحمل رأسه على طبق ، ويُطاف به في أسواق دمشق كما طِيفَ برأس " لُذَرِيقَ " ملك أسبانيا من قبل .
* * *
لم يُكذَِّب عبد الرحمن الغافقي ظنَّ الدُّوق ...
فانطلق بجيشه اللجب من شمال الأندلس كما ينطلق الإعصار .
وانصبَّ على جنوب فرنسا من فوق جبال " البِرِنِيهْ " كما يَنْصَبُّ السيل .
وكانت عِدَّةُ جيشه مائة ألف مجاهد .
بين جوانح كل منهم قلب أسد ....
وفي عُرُوقِهِ عزمَةُ مارد ...
* * *

يَمَّمَ الجيش الإسلامي وجْهه شطر مدينة " آرل "
[ Arles: مدينة في جنوب فرنسا على نهر الرون شمالي مرسيليا] الواقعة على ضفاف نهر " الرُّون "
فلقد كان له معها حساب ...
ذلك أنَّ " آرل " هذه كانت قد صالحت المسلمين على أن تدفع لهم الجزية .
فلمَّا استشهد ( السمح بن مالك الخولانيُّ ) في معركة " تولوز " [Toulouse : مدينة في جنوب فرنسا على نهر الغارون وهي قاعدة محافظة غارون العليا ] وتضعضع المسلمون لمصرعه ، نبذ أهل " آرل " الطاعة ، ونكثوا العهد ، وامتنعوا عن دفع الجزية .
ولمَّا بلغ عبد الرحمن الغافقي ضواحي المدينة ، وجد أنَّ " أَودَ " " دُوقَ أكتانية " قد عبأ قواته الكثيفة عندها .
وَحَشَدَهَا حول تُخُومها ...
وتصَّدى لرد الزحف الإسلامي عليها ...
ثُمَّ ما لبث أن التقى الجيشان وجهاً لوجه .
ودارت بين الفريقين معركة طَحُونٌ ...
قذَفَ خلالها عبد الرحمن الغافقي بكتائب من جيشه تُحِبُّ الموت أكثر ممَّا يُحبُّ أعداؤها الحياة ، فزلزل أقدام العدو .... ومزَّقَ صُفُوفَهُ ...
ودخل المدينة في هذه المرّة حرباً ...
فأعمل السيف في رقاب أهلها ..
وأثخن فيهم إثخاناً ..
وغنم منهم غنائم عزَّت على الحصر ..
أما الدوق " أود " فقد فرَّ بمن بقي حيّاً من جنوده ...
وطفق يُعِدُّ العُدة للقاء آخر من جيوش المسلمين ..
فقد كان يعلم أن معركة " آرل " كانت بداية الطريق ، وليست نهايته .
* * *
عَـبَــرَ عبدُ الرحمن الغافقي بجيشه الجرَّار نهر " الجارون " ، وطفقت كتائبه الظافرة تجُوسُ مقاطعة أوكتانية ذات اليمين ، وذات الشمال .
وأخذت المدن والقرى تتساقط تحت سنابك خيْله كما تتساقط أوراق الشجر في فصل الخريف إذا هبَّتْ عليها الرياح الهُوجُ .
وأضاف المسلمون إلى غنائمهم السابقة غنائم لاحقة لم ترها عيْنٌ من قبل ...
ولم تسمع بها أُذُنٌ ...
وقد حاول دوق " أُكتانية " أن يتصدى لهذا الزحف الكبير مرة أخرى فاشتبك مع المسلمين في معركة ضروس .
لكنَّ المسلمين ما لبثوا أن هزموه هزيمة طاحنة ...
وأنزلوا به نكبة ساحقة مُدَمِّرة ...
ومزَّقوا جيشه شر ممزَّق ...
وتركوا جيشه بين قتيل ، وأسير ، وهَزِيم ..
* * *
ثم اتجه المسلمون إلى مدينة " بوردو " كبرى المدن الإفرنسية آنذاك ، وعاصمة مقاطعة " أُكتانية " .
وخاضوا مع أميرها معركة لا تقل هوْلاً عن المعارك السابقة ...
استبسل فيها المهاجمون والمدافعون استبسالاً يُثير العجب والإعجاب ...
لكنَّ المدينة الكبيرة الخطيرة ما لبثت أن سقطت في أيدي المسلمين كما سقطت أخواتُها من قبل .
وما لبث أميرها أن قُتل في جملة القتلى .
وأحرز المسلمون من غنائم " بوردو " ما هَوَّن في أعينهم كل ما أحرزوه من غنائم .
وقد كان سقوط " بوردو " في أيدي المسلمين فاتحةً لسقوط مدن أخرى كثيرة خطيرة .
أهمُّها " ليون " و " بيزانسُون " و " سانس SENS " .
* * *
اهتزَّت أوروبا من أقصاها إلى أقصاها لِسُقُوط نصف فرنسا الجنوبي كله في يدي عبد الرحمن الغافقي خلال بضعة أشهر ....
وفتح الفرنجة أعينهم على الخطر الداهم .
ودبَّ الصريخ في كل مكان يدعو العجزة والقادرين إلى الوقوف في وجه هذا الهوْل القادم من الشَّرق .
ويَحُضُّهُمْ على التَّصَدِّي له بالصدور إذا عزَّت السيوف .
ويدعوهم إلى سدِّ الطريق أمامه بالأجساد إذا انعدم العَــتَاد ..
فاستجابت أوروبا لدعوة الدَّاعي ..
وأقبل الناس على الانضواء تحت لواء " شارل مارتل " ومعهم الشَّجر ، والحَجَر ، والشَّوك ، والسِّلاح .
* * *
كان الجيش الإسلامي آنذاك قدْ بلغ مدينة " تُورَ TOURS " طليعةَ مدنِ فرنسا وَفْرَةً في السكان ، وقُوَّةً في البُنْيَان ، وعراقة في التَّاريخ ....
وكانت المدينة - فوق ذلك - تختال على أكثر مدن " أوروبا " بكنيستها الفخْمة ، الضخمة ، العامرة بجليل الأعلاق [الآثار القديمة ، النفيسة الثمينة ] ، وكريم النَّفائس .
فأحاط بها المسلمون إحاطة الغُلِّ بالعُنُق ....
وانصبُّوا عليها انْصباب المنون إذا جاء الأجل ...
واسترخصوا في سبيل افتتاحها الأرواح والمُهَج ...
فما لبثت أن سقطت بين أيديهم على مرأى " شارل مارتل " وَمَسْمَعِه ....
* * *
وفي العشر الأخير من شهر شعبان سنة أربعٍ ومائة للهجرة ، زحف عبد الرحمن الغافقي بجيشه اللجب على مدينة " بُوَاتْييه POITIERS " ..
وهناك التقى مع جيوش أوروبا الجرَّارَة بقيادة " شارل مارتل " ..
ووقعت بين الفريقين إحدى المعارك الفاصلة لا في تاريخ المُسلمين والفِرنجة فحسب ..
وإنما في تاريخ البشريَّة كُلِّها .
وقد عُرِفَتْ هذه المعركة بمعركة ( بَلاطِ الشُّهَدَاءِ ) .
* * *
كان الجيش الإسلامي يومئذ في ذروة انتصاراته الباهرة .
لكنَّ كاهله كان مُثقلاً بتلك الغنائم التي انْصبَّت عليه انصِباب الغيْث ....
وتكدَّست في أيدي جُنُوده تكدُّس السُّحب ...
وقد نظر عبد الرحمن الغافقي إلى هذه الثروة الطائلة الهائلة نظرة قلق وإشفاقٍ .
وتوجَّس منها خيفةً على المسلمين .
فقد كان لا يأمن أن تَشْغَلَ هذه النَّفائس قُلُوبَهم عند اللِّقاء ..
وأن توزِّع نفوسهم في لحظات البأس ...
وأن تجعل إحدى عيْني الواحد منهم على العدو المُقبل عليه ...
وعيْنه الأخرى على الغنائم التي في يديه ...
ولقد همَّ بأن يأمر جُنُودَه بالتَّخلص من هذه الثروات الطائلة الهائلة ...
ولكنَّه خشي ألَّا تطيب قلوبهم بذلك القرار الخطير ....
وألَّا تسمح نُفُوسهم بالتَّخلي عن هذا الكنز الثمين .
فلم يجد وسيلة خيراً من أن يجمع هذه الغنائم في مخيمات خاصَّة ...
وأن يجعلها وراء المُعسكر قبل إنشاب القتال [إثارة الحرب] .
* * *
وقف الجيشان الكبيران بضعة أيام كلٌّ منهما قُبَالة الآخر في سكون ، وتَرَقُّب وصمت ، كما تقف سلسلتان من الجبال إحداهما في وجْه الأُخرى ...
فقد كان كلٌّ من الجيشين يخشى بأس عدُوِّه ، ويحسبُ للقائِهِ ألْف حِسَاب .
فلمَّا طال الوقت على هذه الحال ، ووجد عبد الرحمن الغافقي مراجل الحمِيَّة والإقدام تغلي في صدور رجاله ، آثر أن يكون هو البادىء بالهجوم مُعْتمداً على مناقب جُنْدِهِ [مزاياهم وخصائصهم] ...
مُتفائلاً بحُسْن طالعه في النَّصر .
* * *
انقضَّ عبد الرحمن الغافقي بفُــرْسانه على صفوف الفرنجة انقضاض الأسود الكاسرة .
وصمد لهم الفرنجة صُمُود الأطواد الرَّاسخة [الجبال] .
وانقضى اليوم الأول من أيَّام المعركة دون أن ترجح فيه كَفَّةٌ على كَفَّةٍ ...
ولم يحجز بين المتقاتلين غير هبوط الظلام على ميدان القتال ...
ثمَّ تجدَّد النِّزال في اليوم التالي ، وحمَلَ المسلمون على الفرنجة حملات باسلةً ، ولكنهم لم ينالوا منهم وَطَراً [بُغية] .
وظلَّت المعركة تدور على هذه الحال سبعة أيام طويلةً ثقيلةً.
فلما كان اليوم الثامن كَـرَّ المسلمون على عدوهم كرَّةً واحدة .
ففتحوا في صفوفه ثُغْرةً كبيرة لاح لهم من خلالها النصر كما يلوح ضوءُ الصبح من خلال الظلام .
عند ذلك أغارت فِرقةٌ من كتائب الفِرِنجةِ على مسكرات الغنائم.
فلما رأى المسلمون أن غنائمهم قد أوشكت أن تقع في أيدي أعدائهم .
انكفأ [تراجع] كثير منهم لاستخلاصها منه.
فتصدعت لذلك صفوفهم ...
وتضعضعت جموعهم...
وذهبت ريحهم...
فهب القائد العظيم يعمل على رد المنكفئين ...
ومدافعة المهاجمين ..
وسدِّ الثغور...
وفيما كان بطل الإسلام عبد الرحمن الغافقي يذرع أرض المعركة على صهوة جواده الأشهب جيئةً وذهاباً ...
وكرّاً وفرّاً..
أصابه سهم نافذ فهوى عن متن فرسه كما يهوي العُــقَاب [طائر من الجوارح] من فوق قمم الجبال .
وثوى صريعا شهيدا على أرض المعركة.
فلما رأى المسلمون ذلك عمهم الذعر وسادهم الاضطراب .
واشتدت عليهم وطأة العدو ، ولم يوقف بأسَه عنهم إلا حلولُ الظلام.
* * *
فلما أصبح الصبح وجد " شارل مارتل " أن المسلمين قد انسحبوا من " بُواتْيِيهْ "..
فلم يجرؤ على مطاردتهم ...
ولو طاردهم لأفناهم .
ذلك أنه خشي أن يكون انسحابهم مكيدة من مكائد الحرب دُبِّرت في ليلٍ ...
فآثر البقاء في مواقعه مكتفيا بذلك النصر الكبير .
لقد كان يوم بلاط الشهداء يوما حاسما في التاريخ .
أضاع فيه المسلمون أملاً من أعز الآمال ...
وفقدوا خلاله بطلا من أعظم الأبطال ...
وتكررت فيه مأساة يوم " أُحُدْ "...
سُنَّة الله في خلقه ...
ولن تجد لسنة الله تبديلا ...
* * *
هزَّت أنباء فاجعة يومِ بلاطِ الشهداء نفوسَ المسلمين في كل مكان هزاً عنيفاً...
وزُلزِلت لهولها أفئدتهم زلزالا شديدا ...
وعَمَّ الحزنُ بسببها كلَّ مدينة وكلَّ قرية وكلَّ بيت.
وما زال جرحُها الممِضُّ ينزفُ من قلوبهمْ دماً حتى اليوم.
وسيظل ينزف ما بقي على ظهر الأرض مسلمٌ.
* * *
ولا تحسبنَّ أن هذا الجرح العَميق الغائر قد أمَضَّ أفئدة المسلمين وحدهم.
وإنما شاركهم في ذلك طائفةٌ من عقلاء الفرنجة .
رأوا في انتصار أجدادهم على المسلمين في " بواتييه " مصيبة كبرى رُزِئت بها الإنسانيةُ.
وخسارةً عظمى أصابت " أوُرُبَّا " في صميمها ...
ونكبةً جُلَّى نُكبت بها الحضارة .

لنا الله
مش عاوز خروب
انا زعلان علي اللي احنا فيه

2 Comments:

At ٩:١٠ ص, Blogger يا مصر اكتب إليكي رسائلي said...

يشرفني ان اتقدم بخالص التهاني وأطيب التمنيات القلبية بمناسبة عيد الفطر المبارك اعادة الله علينا وعليكم وعلى مصرنا الحبيبة بكل خير .. مع خالص تحياتي وكل عام وانتم والأسرة الكريمة في أسعد حال

 
At ٣:٥٩ م, Blogger Mody Rap said...

وانت طيب يا باشا

 

إرسال تعليق

<< Home